responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 111
إِذْ قالَ اللَّهُ اعلاما لعيسى عليه السّلام حين هموا بقتله وعينوا من اغتال عليه وهو غافل عن كيدهم يا عِيسى إِنِّي بغلبة لاهوتيتى عليك مُتَوَفِّيكَ ومصفيك عن كدر ناسوتيتك المانعة من الوصول الى مقر عز اللاهوت وَبعد تصفيتك عن شوب التعلقات الناسوتية رافِعُكَ بعد ارتفاع موانع وصولك إِلَيَّ إذ لا مرجع لك غيرى وَبعد رفعك وجذبك الى مُطَهِّرُكَ ومزكيك من خبائث مطلق الرذائل سيما مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا بغيوم هوياتهم الباطلة شمس الذات الظاهرة المتجلية على عموم الذرات وَبعد رفعك وإعلاء قدرك جاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ وآمنوا بك في جميع ما جئت به لإصلاح حالهم فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى أعلى رتبة وارفع قدرا ومكانا منهم إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بحيث قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ولهم عذاب اليم وبعد ما ظهر عيسى عليه السّلام لم يتفق غلبة اليهود أصلا بل صاروا مغلوبين منكوبين دائما الى الآن بل الى انقضاء الزمان ثُمَّ قال سبحانه بلسان التوحيد على سبيل التنبيه والتعليم لعيسى ولمن آمن له ولمن أنكر عليه وكفر إِلَيَّ لا الى غيرى مَرْجِعُكُمْ ومنقلبكم جميعا في النشأة الاخرى ايها المختلفون في الدين والإطاعة والايمان والكفر في النشأة الاولى فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بعد رجوعكم الى فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ على مقتضى علمي وإرادتي
ثم فصل سبحانه حكمه بقوله فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وستروا سبيل الحق الظاهر عن مشكاة النبوة والرسالة عنادا واستكبارا وأنكروا الأنبياء وكذبوهم بعموم ما جاءوا به من الاحكام والمواعظ والحكم والعبر وأصروا عليها فَأُعَذِّبُهُمْ اى اطردهم وابعدهم عن ساحة عز الحضور عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا بأنواع المذلة والصغار وضرب الجزية والاجلاء وَفي الْآخِرَةِ بجحيم الخزي والخذلان وسعير الطرد والحرمان وَما لَهُمْ بعد ظهور الدين الناسخ لعموم الأديان الماضية مِنْ ناصِرِينَ لا من الأنبياء الذين يدعون الايمان بهم وبدينهم وكتابهم ولا من غيرهم حتى ينصروهم وينقذوهم من عذاب الله لتركهم العمل بالناسخ
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالدين القويم والكتاب الناسخ واتبعوا النبي الذي جاء به من عند ربه وَمع الايمان والإذعان قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المأمورة فيه تأييدا وتأكيدا فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ اى يوفر عليهم سبحانه أجور أعمالهم بأضعاف ما عملوا تفضلا عليهم لمحبة الله إياهم بسبب امتثال أوامره واطاعة رسله وَاللَّهُ الهادي لعموم عباده لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الخارجين عن حدوده المنزلة على رسله المكاشفين بحقيقة توحيده وبالجملة ما جراهم وبعثهم على الظلم والخروج الا عقولهم المنخسفة بظلام الوهم المضل عن الطريق المستبين
ذلِكَ المذكور من انباء عيسى عليه السّلام وغيره هو الذي نَتْلُوهُ عَلَيْكَ يا أكمل الرسل مع كونك خالي الذهن عنه ولم تتعلم ايضا من معلم بشر وأنت أمي لا تقدر على الاستفادة والإملاء من القصص والتواريخ بل انما هي مِنَ الْآياتِ المنزلة عليك من عندنا الدالة على نبوتك ورسالتك وَمن جملتها الذِّكْرِ الْحَكِيمِ اى الكلام المحكم المشتمل على الحكم المتقنة والاحكام المبرمة الصادرة عن محض الحكمة بحيث لا يأتيه الباطل ولا يعتريه النسخ والتبديل ثم قال سبحانه على سبيل التنبيه والتذكير
إِنَّ مَثَلَ عِيسى اى شانه وقصته الغريبة والخارقة للعادة وهي وجوده بلا أب عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ وشانه في إبداء الله إياه وإيجاده بل قصة آدم اغرب من قصته إذ لا أب له ولا أم بل خَلَقَهُ اى قدره وصوره سبحانه مِنْ تُرابٍ جماد جامد ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ بشرا حيا فَيَكُونُ بالفور حيوانا ذا حس وحركة

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست